وفق جورجيا كالو، فإن مشروع «زمن الطوفان» للفنان الإيطالي ستيفانو كاغول هو بمثابة جسر سرديّ بين منطقتَيْن زمنيّتَيْن: زمن الأسطورة – يتجسد هنا في الطراز البدائي الأبدي للطوفان العظيم كما جاء في سفر التكوين؛ والزمن الآخر هو زمن التاريخ المعاصر الذي يحثّنا على مواجهة موقفنا المتهوّر إزاء الطبيعة. يتجاوز الطوفان في هذا المشروع دوره الرمزي بوصفه مؤشّرًا للتغيّر المناخي، ويتحوّل إلى مفهوم مستقلّ بحدّ ذاته جامعًا بذلك مجُمل الأبحاث التي أجراها الفنان خلال مسيرته المهنية، وينجلي هذا بوضوح في العمل الجديد بحلقاته العدّة، فيتشكّل العمل كمحصّلة لإنتاج الفنان وخطوة يخطوها نحو الأمام في الوقت ذاته؛ إلّا أن العنصر الثابت في هذا المسار هو رغبة الفنان الدؤوبة على طرح التساؤلات حول درجة وعينا.
يُعرض عمل الفيديو التركيبي في قناتيْ بثّ تشمل ستّ حلقات تصوّر علاقتنا بالطبيعة والخطر الوشيك وتُظهر الطوفان بوصفه خلاصة للاضطرابات كافّة – بدأ إنتاج العمل «زمن الطوفان» لستيفانو كاغول (*1969، ترينتو، إيطاليا؛ يعيش ويعمل في دولوميت) في تشرين الثاني عام 2019 وأصبح فيما بعد صورة تنبئيّة تشي بظروف الحياة الراهنة. يبحث «زمن الطوفان» في قضايا عالمية مثل الظواهر الجويّة العاتية، وارتفاع مستوى البحر في مناطق عدة، واختفاء الأنهار الجليدية، وتقلبات الرياح، ومصادر الطاقة، والانقراض، مستلهمًا إياها من الخطّ الإنتاجي القائم على استمرارية الحوار بين الفن والعلوم والأسطورة.
يتناول الفنان مفهوم «فرط المواضيع» [hyperobjects]، عبارةٌ نحتها الفيلسوف تيموثي مورتون في كتابه Hyperobjects: Philosophy and Ecology after the End of the Worldالصادر عام 2013 – ويتأمل «المواضيع» المطروحة أمام عيوننا من جهة، والتي يستحيل علينا استيعابها نظرًا لحجمها سريع التضخم، وانتشارها الدرامي وتعدّد أشكالها وتسارع تقلباتها. ويرى كاغول أن المياه والنيران والفيضانات المهولة ذات الأبعاد الخارقة للطبيعة، إضافةً إلى الحرائق شديدة الاستعار وظاهرة التصحر وارتفاع مستوى سطح البحر جميعها تجسيدات متناقضة لنظام الواقع المعقد والمتغيّر في كل لحظة. لذا، يستوجب انتشار الحالة الراهنة وتعدد وجوهها توفُّرَ أدوات جديدة لا لفهمها فحسب، بل لإدراكها أوّلًا. يهتم كاغول بطوفان نوح لكونه صريحًا في وضوحه ومحتومًا ومتآلفًا ومتداولًا في الشعور الجمعيّ؛ وما يهمه، إضافةً إلى ما ذُكر، هو الفكرة الدفينة المشغولة بتقويض الوضع الراهن. يُصرّح الفنان علنًا «نحن الاحتباس الحراري. نحن الأوبئة. نحن الطوفان» متصورًا بهذا التصريح السيناريو الجاري والأزمة العالمية التي نجمت عن وباء كوفيد-19، مردّدًا إياها كصدى لحالة العالم الراهنة.
«ستيفانو كاغول: زمن الطوفان» معرض نسقته قيمة المعارض الضيفة جورجيا كالو.
وقد قُدّم في السابق في عروض عدة في المراكز الثقافية الإيطالية في برلين وفيينا، بالتعاون مع مومنتوم برلين وIIFCA – المؤسسة الإيطالية-الإسرائيلية للثقافة والفنون. يأتي العرض في تل أبيب من ضمن نشاطات «Giornata del contemporaneo – Italian contemporary Art2020» وبدعم من المركز الثقافي الإيطالي في تل أبيب وItalian Council (النسخة السادسة، 2019) بهدف الترويج للفن الإيطالي المعاصر حول العالم بمبادرة المديرية العامة للإبداع المعاصر التابعة لوزارة التراث الثقافي والأنشطة والسياحة في إيطاليا.
ألصور
1
«ستيفانو كاغول: زمن الطوفان»، 2020-2021
صورة من العرض في CCA تل أبيب-يافا
تصوير: إيال أغيفايف
2
Signal to the Future، 2020
صورة من الفيديو
بلطف من الفنان
3
Antagonismus، 2020
صورة من الفيديو
بلطف من الفنان
4
Abiogenesis، 2020
صورة من الفيديو
بلطف من الفنان
ستيفانو كاغول: زمن الطوفان
–
2 نيسان، 2021
11 كانون الأول، 2020