top of page

تقدم الفنانة منار زعبي (مواليد 1964، تعيش وتعمل في الناصرة) لغتها الفنية الفريدة في معرضها الجديد بعنوان «ضغط جسديّ معتدل» في CCA تل أبيب يافا، حيث تعتمد فيه على عدد محدود من المواد، وعلى أفعال متكررة تتراكم في فضاء العرض. منذ مطلع الألفية الثانية، تنشئ زعبي الأعمال التركيبية المتلائمة مع الحيز والممتدة في الفضاء باستخدام مواد بسيطة مثل خيوط الصوف، الجوارب النايلونية، دبابيس الشعر، أقلام الرصاص والأربطة. وإلى جانب هذه الأعمال، طوّرت زعبي سلسلة من الأعمال الأدائية الحية، أحيانًا بمشاركة آخرين، أمام جمهور أو أمام الكاميرا. وبينما اعتيدَ تناول ممارستها الفنية في النحت والأداء بوصفهما مجالين منفصلين، يبرز هذا المعرض البنية المفتوحة والمرنة التي تميّز مجمل أعمالها، والطريقة التي ترتكز بها هذه الأعمال على حضور الجسد، أو الإشارة إليه.


«ضغط جسديّ معتدل» هو مصطلح ترسّخ في البلاد عام 1987 عقب لجنة لاندو، وهي لجنة تحقيق رسمية شُكّلت لفحص أساليب التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين، وقد أقرّت اللجنة قانونيًّا سماحًا لجهاز الشاباك باستخدام أساليب تحقيق تشكّل، فعليًّا، تعذيبًا أو إساءة جسيمة. وبوصفه تعبيرًا ينتمي إلى لغة مهذبة تخفي أكثر مما تُظهر، يسلط عنوان المعرض الضوء على الآليات الخفية التي تتجسّد بها ممارسات السلطة والضبط؛ وتذكّرنا زعبي بأن الجسد هو حقل تتجلى فيه في آن واحد القوة والهشاشة والقدرة على الاحتمال، وبأن في كل فعل فني يكمن صراع من أجل الحضور والرؤية، ومحاولة دؤوبة، كما تقول، «للتحرر من تبعيتنا للهيمنة».


في معرضها في مركز الفن المعاصر، تعرض زعبي في فضاء الطابق الأرضي للغاليري عملًا تركيبيًّا جديدًا متلائمًا مع الحيز، تعود فيه إلى المواد التي ميّزت أعمالها المبكرة، وعلى رأسها الخيوط والجوارب النايلونية. استجابة للهندسة المعمارية الفريدة لمبنى الصالة، تحدد زعبي الفضاء برفقة خمسة فنانين وفنانات ناشئين شاركوها سيرورة الإنتاج، ويرسمون باستخدام خيوط الصوف المشدودة وطبقات النايلون الرقيقة والشفافة. يتغير العمل التركيبي باستمرار وفق زاوية الرؤية، ويحاكي خطوط المنظور التي تحاول الإمساك ببقعة أو صورة مراوغة. كل طبقة على حدة تتكون من زوج واحد من الجوارب، وبذلك تحافظ على مقياس إنساني، أشبه بطيف يحوم في الفضاء؛ أما شدّ الجوارب إلى الجانبين فيدفعها إلى حافة التمزّق، في منطقة دقيقة بين الهشاشة والقدرة على الاحتمال.


في الطابق العلوي، تُعرض أعمال مختارة من مجموعتها في الفيديو، النحت والرسم. تكشف هذه الأعمال عن لغة جسدية ومادية لمقاومة هادئة. تعمل زعبي من خلال إيماءات رشّ الطلاء، فكّ الخيوط، الحفر، التقشير والاختباء، وهي أفعال تخلق مساحة بين الغياب والحضور. في عمل الفيديو «لم أرَ لا بيوتًا ولا رأيتُ الطريق» المعروض في غرفة منفصلة، والمستوحى من نص «خبز العرب» للمفكر الفلسطيني حسن خضر (والذي يتلو النص أيضًا في الفيديو)، تتحسس الكاميرا طريقها في العتمة داخل حقل خبيزة، باحثة عن اتجاه ومحاولة كشف بقايا الذاكرة. تستخدم زعبي في أعمالها الجسد والمادة بوصفها أدوات لاستكشاف الهوية الفلسطينية في فضاء تُمحى فيه سماتها وتتلاشى شيئًا فشيئًا بفعل سياسات مقصودة وكذلك بفعل سياسة خفية. الأفعال التي تقوم بها تعمل على ترك آثار دقيقة، وليس من المؤكد إن كانت ستظلّ قائمة وإلى متى ستبقى. يمكن النظر إلى هذه الآثار على أنها جرح وموقف في آن، واعتبارهما جماليات لوجود على هامش المحو، حيث تحمل كل إيماءة رغبة في أن تترك وراءها أثرًا.


«منار زعبي: ضغط جسديّ معتدل» من تنسيق القَيّمة تمار مارغليت.


يُقام المعرض بفضل منحة ريبكين بن تسور للفنون التعليم والمجتمع. من خلال هذه المنحة، شاركت مجموعة مختارة من طلاب وطالبات الفن وخريجين وخريجات جدد في إنتاج التركيب الفنّي في طابق المدخل، وكان لهم دور فعّال في إقامة المعرض بأكمله:


لُمى أبو وردة – قسم الفن، جامعة حيفا

مايا دونييك – قسم الفن، أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم، القدس

نير ديك – أكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم، القدس

عُبيدة عازم – قسم الفن، همِدرَشا، الكلية الأكاديمية بيت بيرل

عائشة قادري – قسم الفن، جامعة حيفا


وقد أُتيح استضافة الفنانة بفضل منحة مؤسسة آوتسِت للفن المعاصر.



1-6

«منار زعبي: ضغط جسديّ معتدل»، 2025

صور من المعرض في CCA تل أبيب-يافا

تصوير: إلعاد ساريغ

منار زعبي: ضغط جسديّ معتدل

7 شباط، 2026

24 تشرين الثاني، 2025

← شراء تذاكر
bottom of page